ترميم صبانة حمدي كنعان في البلدة القديمة بنابلس

قصص

ترميم صبانة حمدي كنعان في البلدة القديمة بنابلس

صبانة حمدي كنعان في البلدة القديمة بنابلس الكائنة في شارع الصبانات في حي الياسمينة هي صبانة ومبنى عريق وقديم، وشهد أول إنتاج لنوع جديد لصابونة نابلسية في خمسينيات القرن الماضي. بنتها عائلة النابلسي في القرن الثامن عشر واشتراها كنعان في عام 1930 إبان العصر الذهبي لصناعة الصابون النابلسي، وكانت تنتج أكثر من 130 طنًا من الصابون سنويًا. وفي خمسينيات القرن الماضي شهدت ولادة الصابون النابلسي الأخضر المصنوع من زيت الزيتون المستخرج من الجفت (نواة حبة الزيتون) ويحتوي على نسبة عالية من مادة الكلوروفيل المعقمة والمطهرة.

غير أن الاحتلال في العام 1967 بدّل حال هذه الصناعة الرائجة، فكانت وبعد عقدين فقط من الاحتلال تلفظ صبانة كنعان أنفاسها الأخيرة وتتوقف عن العمل بعد 200 عام من الصناعة المزدهرة. ليبدأ بعدها أشد المشاهد مأساوية، لتصبح الصبانة التي كانت تعج بالحياة والعمال والزوار وينبعث من كل أرجائها رائحة زيت الزيتون والصابون الطيب، مهملة، بل مكبًا للنفايات ومكرهة صحية... لقد كان منظرًا حزينا ومثيرًا للأسى عند رؤية 800م2 تراكمت فيه القمامة.

وبالتالي فقد طُرحت فكرة استخدام هذا المبنى التاريخي لخدمة المجتمع المحلي، وتم الحصول على موافقة أصحابها مشكورين (باسل وطاهر وباسمة كنعان)، وبناءً عليه ، فقد تم البدء بعملية ترميم وإعادة تأهيل هذا المكان الهام من قبل برنامج القدس لإعمار البلدات القديمة في مؤسسة التعاون بما يتناسب وعراقة المكان وهيبته، فالأدراج ظلت سلطانية الحجارة، والأعمدة تم المحافظة عليها وتدعيمها.

هذا التأهيل والترميم لهذا المكان جعله صالحًا لإقامة مركز مجتمعي تابع لجمعية المركز الاجتماعي الخيرية ويخدم فئة كبار السن، بحيث يستخدم كناد وتجمع ترفيهي، وكذلك مكتبة الكترونية تخدم الأطفال وطلاب المدارس. فمنذ أكثر من أربعين عامًا، وجمعية المركز الاجتماعي الخيرية التي تأسست عام 1978 في البلدة القديمة بمدينة نابلس وهي تعمل في أوساط الفقراء والمهمشين والأطفال والنساء معتمدة على التكافل الاجتماعي والتنمية البشرية المستدامة.

كما أن ترميم هذا المبنى ساهم أيضًا في إحياء منطقة مهمشة في البلدة القديمة في نابلس والمحافظة على المباني القديمة والتراثية فيها، وتوفير مكان لائق، في هذا الحي الفقير والمهمش، يقضي فيه كبار السن رجالا ونساء، وقتًا مفيدًا، وممتعًا، ومسليًا. إضافة إلى توفير مكتبة رقمية الكترونية تقدم خدمة منهاج محوسب عبر الواقع المعزّز لطلاب وطالبات الحي، كما تم إقامة مركز ثقافي للذاكرة والرواية الفلسطينية يتم فيه إنتاج وعرض أفلام وثائقية عن فلسطين بتقنيات حديثة.

هذا وقد تم ترميم الصبانة على ثلاثة مراحل، موّلت الحكومة السويدية المرحلة الأولى من خلال اليونسكو 2019، ومولت المرحلة الثانية بتبرع من عائلة حمدي طاهر كنعان وأعضاء وداعمي مؤسسة التعاون 2019، أما المرحلة الثالثة فمولت بتبرع من لانا ونعيم عبد الهادي 2020.